الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار ***
أخره لقلة وجوده، ولبيان حكم من يقتل من المسلمين بعد من يقتل من الكفار بحر. قلت: ولم يترجم له بكتاب إشارة إلى دخوله تحت كتاب الجهاد لأن القتال معهم في سبيل الله تعالى ولذا كان المقتول منا شهيدا كما سيأتي إذ لا يختص الجهاد بقتال الكفار، وبه اندفع ما في النهر. قال في الفتح: والبغاة جمع باغ، وهذا الوزن مطرد في كل اسم فاعل معتل اللام كغزاة ورماة وقضاة ا هـ. وإنما جمعه لأنه قلما يوجد واحد يكون له قوة الخروج قهستاني (قوله البغي لغة الطلب إلخ) عبارة الفتح: البغي في اللغة الطلب، بغيت كذا: أي طلبته. قال تعالى حكاية ذلك {ما كنا نبغ} ثم اشتهر في العرف في طلب ما لا يحل من الجور والظلم والباغي في عرف الفقهاء الخارج على إمام الحق ا هـ. لكن في المصباح: بغيته أبغيه بغيا طلبته، وبغى على الناس بغيا: ظلم واعتدى فهو باغ والجمع بغاة، وبغى: سعى في الفساد، ومنه الفرقة الباغية؛ لأنها عدلت عن القصد، وأصله من بغى الجرح: إذا ترامى إلى الفساد ا هـ. وفي القاموس: الباغي الطالب، وفئة باغية: خارجة عن طاعة الإمام العادل. ا هـ. قال في البحر: فقوله في فتح القدير: الباغي في عرف الفقهاء الخارج عن إمام الحق تساهل لما علمت أنه في اللغة أيضا. ا هـ. قلت: قد اشتهر أن صاحب القاموس يذكر المعاني العرفية مع المعاني اللغوية وذلك مما عيب به عليه، فلا يدل ذكره لذلك أنه معنى لغوي، ويؤيده أن أهل اللغة لا يعرفون معنى الإمام الحق الذي جاء في الشرع بعد اللغة نعم قد يعترض على الفتح بأن كلامه يقتضي اختصاص البغي بمعنى الطلب، وأن استعماله في الجور والظلم معنى عرفي فقط، وقد سمعت أنه لغوي أيضا. وقد يجاب بأن مراده بقوله ثم اشتهر في العرف إلخ العرف اللغوي، وأن الأصل ومدار اللفظ على معنى الطلب لكن ينافيه قول المصباح وأصله من بغى الجرح إلخ فتأمل. (قوله: وشرعا هم الخارجون) عطفه على ما قبله يقتضي أن يكون التقدير والبغي شرعا هم الخارجون وهو فاسد كما أفاده ح فكان المناسب أن يقول: فالبغاة عرفا الطالبون لما لا يحل من جور وظلم وشرعا إلخ أفاده ط. ويمكن أن يكون على تقدير مبتدإ: أي والبغاة شرعا إلخ (قوله: على الإمام الحق) الظاهر أن المراد به ما يعم المتغلب؛ لأنه بعد استقرار سلطنته ونفوذ قهره لا يجوز الخروج عليه كما صرحوا به ثم رأيت في الدر المنتقى قال: إن هذا في زمانهم، وأما في زماننا فالحكم للغلبة؛ لأن الكل يطلبون الدنيا فلا يدرى العادل من الباغي كما في العمادية. ا هـ. وقوله بغير حق أي في نفس الأمر وإلا فالشرط اعتقادهم أنهم على حق بتأويل وإلا فهم لصوص ويأتي تمام بيانه (قوله: وتمامه في جامع الفصولين) حيث قال في أول الفصل الأول: بيانه أن المسلمين إذا اجتمعوا على إمام وصاروا آمنين به فخرج عليه طائفة من المؤمنين، فإن فعلوا ذلك لظلم ظلمهم به فهم ليسوا من أهل البغي، وعليه أن يترك الظلم وينصفهم. ولا ينبغي للناس أن يعينوا الإمام، عليهم؛ لأن فيه إعانة على الظلم، ولا أن يعينوا تلك الطائفة على الإمام أيضا؛ لأن فيه إعانة على خروجهم على الإمام، وإن لم يكن ذلك لظلم ظلمهم ولكن لدعوى الحق والولاية فقالوا الحق معنا فهم أهل البغي، فعلى كل من يقوى على القتال أن ينصروا إمام المسلمين على هؤلاء الخارجين؛ لأنهم ملعونون على لسان صاحب الشرع قال عليه الصلاة والسلام: «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها» فإن كانوا تكلموا بالخروج لكن لم يعزموا على الخروج بعد. فليس للإمام أن يتعرض لهم؛ لأن العزم على الجناية لم يوجد بعد كذا ذكر في واقعات اللامشي، وذكر القلانسي في تهذيبه قال بعض المشايخ: لولا علي رضي الله عنه ما درينا القتال مع أهل القبلة، وكان علي ومن تبعه من أهل العدل وخصمه من أهل البغي، وفي زماننا الحكم للغلبة ولا تدري العادلة والباغية كلهم يطلبون الدنيا. ا هـ. ط لكن قوله ولا أن يعينوا تلك الطائفة على الإمام فيه كلام سيأتي (قوله: قطاع طريق) وهم قسمان: أحدهما الخارجون بلا تأويل بمنعة وبلا منعة، يأخذون أموال المسلمين ويقتلونهم ويخيفون الطريق. والثاني قوم كذلك، إلا أنهم لا منعة لهم لكن لهم تأويل، كذا في الفتح، لكنه عد الأقسام أربعة، وجعل هذا الثاني قسما منهم مستقلا ملحقا بالقطاع من جهة الحكم. وفي النهر: هنا تحريف فتنبه له (قوله: وبغاة) هم كما في الفتح قوم مسلمون خرجوا على إمام العدل ولم يستبيحوا ما استباحه الخوارج من دماء المسلمين وسبي ذراريهم ا هـ. والمراد خرجوا بتأويل وإلا فهم قطاع كما علمت. وفي الاختيار: أهل البغي كل فئة لهم منعة يتغلبون ويجتمعون ويقاتلون أهل العدل بتأويل يقولون الحق معنا ويدعون الولاية. ا هـ. (قوله: وخوارج وهم قوم إلخ) الظاهر أن المراد تعريف الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله تعالى عنه؛ لأن مناط الفرق بينهم وبين البغاة هو استباحتهم دماء المسلمين وذراريهم بسبب الكفر إذ لا تسبى الذراري ابتداء بدون كفر، لكن الظاهر من كلام الاختيار وغيره أن البغاة أعم، فالمراد بالبغاة ما يشمل الفريقين، ولذا فسر في البدائع البغاة بالخوارج لبيان أنهم منهم وإن كان البغاة أعم، وهذا من حيث الاصطلاح، وإلا فالبغي والخروج متحققان في كل من الفريقين على السوية، ولذا قال علي رضي الله تعالى عنه في الخوارج: إخواننا بغوا علينا (قوله: لهم منعة) بفتح النون: أي عزة في قومهم، فلا يقدر عليهم من يردهم مصباح (قوله: بتأويل) أي بدليل يؤولونه على خلاف ظاهره كما وقع للخوارج الذين خرجوا من عسكر علي عليه بزعمهم أنه كفر هو ومن معه من الصحابة حيث حكم جماعة في أمر الحرب الواقع بينه وبين معاوية وقالوا إن الحكم إلا لله، ومذهبهم أن مرتكب الكبيرة كافر؛ وأن التحكيم كبيرة لشبه قامت لهم استدلوا بها مذكورة مع ردها في كتب العقائد.مطلب في أتباع عبد الوهاب الخوارج في زماننا (قوله: ويكفرون أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم) علمت أن هذا غير شرط في مسمى الخوارج، بل هو بيان لمن خرجوا على سيدنا علي رضي الله تعالى عنه، وإلا فيكفي فيهم اعتقادهم كفر من خرجوا عليه، كما وقع في زماننا في أتباع عبد الوهاب الذين خرجوا من نجد وتغلبوا على الحرمين وكانوا ينتحلون مذهب الحنابلة، لكنهم اعتقدوا أنهم هم المسلمون وأن من خالف اعتقادهم مشركون، واستباحوا بذلك قتل أهل السنة وقتل علمائهم حتى كسر الله تعالى شوكتهم وخرب بلادهم وظفر بهم عساكر المسلمين عام ثلاث وثلاثين ومائتين وألف (قوله: كما حققه في الفتح) حيث قال: وحكم الخوارج عند جمهور الفقهاء والمحدثين حكم البغاة. وذهب بعض المحدثين إلى كفرهم. قال ابن المنذر: ولا أعلم أحدا وافق أهل الحديث على تكفيرهم، وهذا يقتضي نقل إجماع الفقهاء. مطلب في عدم تكفير الخوارج وأهل البدع وقد ذكر في المحيط أن بعض الفقهاء لا يكفر أحدا من أهل البدع. وبعضهم يكفر من خالف منهم ببدعته دليلا قطعيا ونسبه إلى أكثر أهل السنة والنقل الأول أثبت نعم يقع في كلام أهل مذهب تكفير كثير، لكن ليس من كلام الفقهاء الذين هم المجتهدون بل من غيرهم. مطلب لا عبرة بغير الفقهاء يعني المجتهدين ولا عبرة بغير الفقهاء والمنقول عن المجتهدين ما ذكرنا وابن المنذر أعرف بنقل مذاهب المجتهدين ا هـ. لكن صرح في كتابه المسايرة بالاتفاق على تكفير المخالف فيما كان من أصول الدين وضرورياته: كالقول بقدم العالم، ونفي حشر الأجساد، ونفي العلم بالجزئيات، وأن الخلاف في غيره كنفي مبادئ الصفات، ونفي عموم الإرادة، والقول بخلق القرآن إلخ. وكذا قال في شرح منية المصلي: إن ساب الشيخين ومنكر خلافتهما ممن بناه على شبهة له لا يكفر، بخلاف من ادعى أن عليا إله وأن جبريل غلط؛ لأن ذلك ليس عن شبهة واستفراغ وسع في الاجتهاد بل محض هوى ا هـ. وتمامه فيه. قلت: وكذا يكفر قاذف عائشة ومنكر صحبة أبيها؛ لأن ذلك تكذيب صريح القرآن كما مر في الباب السابق (قوله: بخلاف المستحل بلا تأويل) أي من يستحل دماء المسلمين وأموالهم ونحو ذلك مما كان قطعي التحريم ولم يبنه على دليل كما بناه الخوارج كما مر؛ لأنه إذا بناه على تأويل دليل من كتاب أو سنة كان في زعمه إتباع الشرع لا معارضته ومنابذته، بخلاف غيره (قوله: والإمام) أي الإمام الحق الذي ذكره أولا ولم يذكر شروطه استغناء بما قدمه في باب الإمامة من كتاب الصلاة وقدمنا الكلام عليها هناك فراجعها. مطلب الإمام يصير إماما بالمبايعة أو بالاستخلاف ممن قبله (قوله: يصير إماما بالمبايعة) وكذا باستخلاف إمام قبله وكذا بالتغلب والقهر كما في شرح المقاصد. قال في المسايرة: ويثبت عقد الإمامة إما باستخلاف الخليفة إياه كما فعل أبو بكر رضي الله تعالى عنه، وإما ببيعة جماعة من العلماء أو من أهل الرأي والتدبير. وعند الأشعري يكفي الواحد من العلماء المشهورين من أولي الرأي بشرط كونه بمشهد شهود لدفع الإنكار إن وقع. وشرط المعتزلة خمسة. وذكر بعض الحنفية اشتراط جماعة دون عدد مخصوص ا هـ. ثم قال: لو تعذر وجود العلم والعدالة فيمن تصدى للإمامة وكان في صرفه عنها إثارة فتنة لا تطاق حكمنا بانعقاد إمامته كي لا تكون كمن يبني قصرا ويهدم مصرا، وإذا تغلب آخر على المتغلب وقعد مكانه انعزل الأول وصار الثاني إماما وتجب طاعة الإمام عادلا كان أو جائرا إذا لم يخالف الشرع، فقد علم أنه يصير إماما بثلاثة أمور، لكن الثالث في الإمام المتغلب وإن لم تكن في شروط الإمامة، وقد يكون بالتغلب مع المبايعة وهو الواقع في سلاطين الزمان نصرهم الرحمن. (قوله: وبأن ينفذ حكمه) أي يشترط مع وجود المبايعة نفاذ حكمه وكذا هو شرط أيضا مع الاستخلاف فيما يظهر، بل يصير إماما بالتغلب ونفاذ الحكم والقهر بدون مبايعة أو استخلاف كما علمت (قوله: فلا يفيد) أي لا يفيد عزله. مطلب فيما يستحق به الخليفة العزل (قوله: وإلا ينعزل به) أي إن لم يكن له قهر ومنعة ينعزل به أي بالجور. قال في شرح المقاصد: ينحل عقد الإمامة بما يزول به مقصود الإمامة كالردة والجنون المطبق، وصيرورته أسيرا لا يرجى خلاصه، وكذا بالمرض الذي ينسيه المعلوم، وبالعمى والصمم والخرس، وكذا بخلعه نفسه لعجزه عن القيام بمصالح المسلمين وإن لم يكن ظاهرا بل استشعره من نفسه، وعليه يحمل خلع الحسن نفسه. وأما خلعه لنفسه بلا سبب ففيه خلاف، وكذا في انعزاله بالفسق. والأكثرون على أنه لا ينعزل، وهو المختار من مذهب الشافعي وأبي حنيفة رحمهما الله تعالى. وعن محمد روايتان، ويستحق العزل بالاتفاق. ا هـ. وقال في المسايرة: وإذا قلد عدلا ثم جار وفسق لا ينعزل ولكن يستحق العزل إن لم يستلزم فتنة. ا هـ. وفي المواقف وشرحه: إن للأمة خلع الإمام وعزله بسبب يوجبه، مثل أن يوجد منه ما يوجب اختلال أحوال المسلمين وانتكاس أمور الدين كما كان لهم نصبه وإقامته لانتظامها وإعلائها، وإن أدى خلعه إلى فتنة احتمل أدنى المضرتين. ا هـ. (قوله: فإذا خرج جماعة مسلمون) قيد بذلك؛ لأن أهل الذمة إذا غلبوا على بلدة صاروا أهل حرب كما مر، ولو قاتلونا مع أهل البغي لم يكن ذلك نقضا للعهد منهم، وهذا لا يرد على المصنف؛ لأنهم أتباع للبغاة المسلمين نهر أي فلهم حكمهم بطريق التبعية. (قوله: عن طاعته) أي طاعة الإمام، وقيده في الفتح بأن يكون الناس به في أمان والطرقات آمنة ا هـ. ومثله ما ذكره عن الدرر وجهه: أنه إذا لم يكن كذلك يكون عاجزا أو جائرا ظالما يجوز الخروج عليه وعزله إن لم يلزم منه فتنة كما علمته آنفا (قوله: وغلبوا على بلد) الظاهر إن ذكر البلد بيان للواقع غالبا؛ لأن المدار على تجمعهم وتعسكرهم، وهو لا يكون إلا في محل يظهر فيه قهرهم والغالب كونه بلدة، فلو تجمعوا في برية فالحكم كذلك تأمل (قوله: أي إلى طاعته) أشار إلى أنه على تقدير مضاف (قوله: وكشف شبهتهم استحبابا) أي بأن يسألهم عن سبب خروجهم، فإن كان لظلم منه أزاله، وإن لدعوى أن الحق معهم والولاية لهم فهم بغاة فلو قاتلهم بلا دعوة جاز؛ لأنهم علموا ما يقاتلون عليه كالمرتدين وأهل الحرب بعد بلوغ الدعوة بحر (قوله: فإن تحيزوا مجتمعين) أي مالوا إلى جهة مجتمعين فيها أو إلى جماعة، وهذا في معنى قوله وغلبوا على بلد فكان أحدهما يغني عن الآخر على ما قلنا (قوله: حل لنا قتالهم بدءا) هذا اختيار لما نقله خواهر زاده عن أصحابنا أنا نبدؤهم قبل أن يبدؤنا؛ لأنه لو انتظر حقيقة قتالهم ربما لا يمكنه الدفع، فيدار على الدليل ضرورة دفع شرهم. ونقل القدوري أنه لا يبدؤهم حتى يبدؤه. وظاهر كلامهم أن المذهب الأول بحر، ولو اندفع شرهم بأهون من القتل وجب بقدر ما يندفع به شرهم زيلعي. مطلب في وجوب طاعة الإمام (قوله: افترض عليه إجابته) والأصل فيه قوله تعالى: {وأولي الأمر منكم} وقال صلى الله عليه وسلم: «اسمعوا وأطيعوا ولو أمر عليكم عبد حبشي أجدع» وروي: «مجدع وعن ابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام قال: «عليكم بالسمع والطاعة لكل من يؤمر عليكم ما لم يأمركم بمنكر» ففي المنكر لا سمع ولا طاعة ثم إذا أمر العسكر بأمر فهو على أوجه: إن علموا أنه نفع بيقين أطاعوه وإن علموا خلافه كأن كان لهم قوة وللعدو مدد يلحقهم لا يطيعونه، وإن شكوا لزمهم إطاعته، وتمامه في الذخيرة (قوله: وإلا لزم بيته) أي إن لم يكن قادرا، وعليه يحمل ما روي عن جماعة من الصحابة، أنهم قعدوا في الفتنة، وربما كان بعضهم في تردد من حل القتال. والمروي عن أبي حنيفة من قول الفتنة: إذا وقعت بين المسلمين فالواجب على كل مسلم أن يعتزل الفتنة ويقعد في بيته محمول على ما إذا لم يكن لهم إمام. وما روي: «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار» محمول على اقتتالهما حمية وعصبية كما يتفق بين أهل قريتين ومحلتين، أو لأجل الدنيا والملك، وتمامه في الفتح (قوله: وفي المبتغى إلخ) موافق لما مر من جامع الفصولين، ومثله في السراج، لكن في الفتح: ويجب على كل من أطاق الدفع أن يقاتل مع الإمام إلا إن أبدوا ما يجوز لهم القتال كأن ظلمهم أو ظلم غيرهم ظلما لا شبهة فيه بل يجب أن يعينوهم حتى ينصفهم ويرجع عن جوره، بخلاف ما إذا كان الحال مشتبها أنه ظلم مثل تحميل بعض الجبايات التي للإمام أخذها وإلحاق الضرر بها لدفع ضرر أعم منه. ا هـ. قلت: ويمكن التوفيق بأن وجوب إعانتهم إذا أمكن امتناعه عن بغيه وإلا فلا كما يفيده قول المبتغى، ولا تمتنع عنه تأمل (قوله ولو طلبوا الموادعة) أي الصلح من ترك قتالهم ط (قوله: ولا يؤخذ منهم شيء) أي على الموادعة؛ لأنهم مسلمون ومثله في المرتدين فتح (قوله: لا نقتل رهونهم) أي وإن وقع الشرط على أن أيهما غدر يقتل الآخرون الرهن؛ لأنهم صاروا آمنين بالموادعة أو بإعطاء الأمان لهم حين أخذناهم رهنا والغدر من غيرهم لا يؤاخذون به، والشرط باطل، وتمامه في الفتح (قوله: أو يصيروا ذمة لنا) أو بمعنى إلا فلذلك حذف النون ح (قوله أجهز على جريحهم) بالبناء للمفعول فيه وفي اتبع (قوله: أي أتم قتله) في المصباح: جهزت على الجريح من باب نفع وأجهزت إجهازا أتممت عليه وأسرعت قتله (قوله: واتبع موليهم) أي هاربهم لقتله أو أسره كي لا يلحق هو أو الجريح بفئته (قوله: وإلا لا) أي وإن لم يكن لهم فئة يلحقون بها لا يجهز ولا يتبع (قوله: إن شاء قتله) أي إن كان له فئة وإلا لا كما في القهستاني عن المحيط. قال في الفتح: ومعنى هذا الخيار أن يحكم نظره فيما هو أحسن الأمرين في كسر الشوكة لا بهوى النفس والتشفي. (قوله: كنساء وشيوخ) أدخلت الكاف الصبيان والعميان كما في البحر ط (قوله: ما لم يقاتلوا) أي فيقتلون حال القتال وبعد الفراغ إلا الصبيان والمجانين بحر (قوله: ولا يقتل) أي يكره له كما في الفتح (قوله: ما لم يرد قتله) فإذا أراده فله دفعه ولو بقتله، وله أن يتسبب ليقتله غيره كعقر دابته، بخلاف أهل الحرب فله أن يقتل محرمه منهم مباشرة إلا الوالدين بحر أي فإنه لا يجوز له قتل الوالدين الحربيين مباشرة، بل له منعهما ليقتلهما غيره إلا إذا أراد قتله ولا يمكن دفعه إلا بالقتل فله قتلهما مباشرة كما مر أول الجهاد. والحاصل أن المحرم هنا كالوالدين، بخلاف أهل الحرب، فإن له قتل المحرم فقط. والفرق كما في الفتح أنه اجتمع في الباغي حرمتان: حرمة الإسلام، وحرمة القرابة. وفي الكافر حرمة القرابة فقط (قوله ولم تسب لهم ذرية) أي أولاد صغار وكذا النساء؛ لأن الإسلام يمنع الاسترقاق ابتداء كما في الزيلعي (قوله: وبيع الكراع أولى) بضم الكاف، من تسمية الشيء باسم بعضه، لما في المصباح أن الكراع من الغنم والبقر مستدق الساعد بمنزلة الوظيف من الفرس، وهو مؤنث يجمع على أكرع والأكرع على أكارع. قال الأزهري: الأكارع للدابة قوائمها (قوله: لأنه أنفع) أي أنفع من إمساكه والإنفاق عليه من بيت المال، أو للرجوع على صاحبه كما يفيده كلام البحر. (قوله: وألقى السلاح) فعل ماض معطوف على قال (قوله: فمتى ألقاه إلخ) قال في الفتح: وما لم يلق السلاح في صورة من الصور كان له قتله، ومتى ألقاه كف عنه، بخلاف الحربي لا يلزمه الكف عنه بإلقاء السلاح (قوله: فلا شيء فيه) أي لا دية ولا قصاص إذا ظهرنا عليهم فتح (قوله لكونه مباح الدم) ألا ترى أن العادل إذا قتله لا يجب عليه شيء ولأن القصاص لا يستوفى إلا بالولاية وهي بالمنفعة، ولا ولاية لإمامنا عليهم فلم يجب شيء وصار كالقتل في دار الحرب. وعند الأئمة الثلاثة يقتل به فتح (قوله: فلا إثم أيضا) أخذه في النهر من ظاهر كلام الفتح ومثله في البحر فتأمل.ه (قوله: وقتلانا شهداء) أي فيصنع بهم ما يصنع بالشهداء كافي (قوله: بل يكفنون) أي بعد أن يغسلوا كما في البحر ح (قوله: لأنها مثلة) أي؛ لأن هذه الهيئة: أو أنثه لتأنيث الخبر أي والمثلة منهي عنهما (قوله: وجوزه بعض المتأخرين) لمنع كونه مثلة، قال في البحر: ومنعه في المحيط في رءوس البغاة؛ وجوزه في رءوس أهل الحرب. (قوله: إن لم يجر إلخ) أي بأن أخرجهم إمام العدل قبل تقرر حكمهم؛ لأنه حينئذ لم ينقطع ولاية الإمام فوجب القود فتح (قوله: وإن جرى لا) أي لا يقتل به ولكن يستحق عذاب الآخرة فتح (قوله: مطلقا) يفسره ما بعده. قال في البحر إذا قتل عادل باغيا فإنه يرثه ولا تفصيل فيه؛ لأنه قتله بحق فلا يمنع الإرث. وأصله أن العادل إذا أتلف نفس الباغي أو ماله لا يضمن ولا يأثم؛ لأنه مأمور بقتالهم دفعا لشرهم كذا في الهداية ونحوه في البدائع. وفي المحيط: العادل لو أتلف مال الباغي يضمن؛ لأنه معصوم في حقنا. ووفق الزيلعي بحمل الأول على إتلافه حال القتال بسبب القتال إذ لا يمكنه أن يقتلهم إلا بإتلاف شيء من أموالهم كالخيل، وأما في غير هذه الحالة فلا معنى لمنع الضمان لعصمة أموالهم ا هـ. ملخصا. قلت: ويظهر لي التوفيق بوجه آخر، وهو حمل الضمان على ما قبل تحيزهم وخروجهم أو بعد كسرهم وتفرق جمعهم، أما إذا تحيزوا لقتالنا مجتمعين فإنهم غير معصومين بدليل حل قتالنا لهم، ويدل عليه تعليل الهداية بالأمر بقتالهم إذ لا يؤمر بقتالهم إلا في هذه الحالة، فلو أتلف العادل منهم شيئا في هذه الحالة لا يضمنه لسقوط العصمة بخلاف غيرها فإنه يضمن؛ لأنه حينئذ معصوم في حقنا، ولم أر من ذكر هذا التوفيق، والله تعالى الموفق (قوله وبالعكس) أي إذا قتل باغ عادلا (قوله وقت قتله) متعلق بقوله أنا على باطل، فكان عليه أن يذكره عقبه إذ لا يلزم قوله ذلك وقت قتله، بل اللازم اعتقاد ذلك وقته، لكن قد يأتي لفظ قال بمعنى اعتقد تأمل. وعبارة البحر، وإن قال قتلته وأنا أعلم أني على باطل لم يرثه (قوله: اتفاقا) أي من أبي يوسف وصاحبيه (قوله لعدم الشبهة) وهي التأويل باعتقاد كونه على حق (قوله: ورثه) أي خلافا لأبي يوسف؛ لأنه أتلف بتأويل فاسد والفاسد منه ملحق بالصحيح إذا ضمت إليه المنعة في حق الدفع كما في منعة أهل الحرب وتأويلهم. والحاصل أن نفي الضمان منوط بالمنعة مع التأويل، فلو تجردت المنعة عن التأويل كقوم تغلبوا على بلدة فقتلوا واستهلكوا الأموال بلا تأويل ثم ظهر عليهم أخذوا بجميع ذلك، ولو انفرد التأويل عن المنعة بأن انفرد واحد واثنان فقتلوا وأخذوا عن تأويل ضمنوا إذا تابوا وقدر عليهم، وتمامه في الفتح والزيلعي. وفي الاختيار: وما أصاب كل واحد من الفريقين من الآخر من دم أو جراحة أو استهلاك مال فهو موضوع لا دية فيه، ولا ضمان ولا قصاص، وما كان قائما في يد كل واحد من الفريقين للآخر فهو لصاحبه. قال محمد رحمه الله تعالى: إذا تابوا أفتيهم أن يغرموا ولا أجبرهم على ذلك؛ لأنهم أتلفوه بغير حق، فسقوط المطالبة لا يسقط الضمان فيما بينه وبين الله تعالى. وقال أصحابنا: ما فعلوه قبل التحيز والخروج، وبعد تفرق جمعهم يؤخذون به؛ لأنهم من أهل دارنا، ولا منعة لهم كغيرهم من المسلمين، أما ما فعلوه بعد التحيز لا ضمان فيه لما بينا. ا هـ. قلت: فتحصل من ذلك كله أن أهل البغي إذا كانوا كثيرين ذوي منعة وتحيزوا لقتالنا معتقدين حله بتأويل سقط عنهم ضمان ما أتلفوه من دم أو مال دون ما كان قائما، ويضمنون كل ذلك إذا كانوا قليلين لا منعة لهم أو قبل تحيزهم أو بعد تفرق جمعهم، وتقدم أن ما أتلفه أهل العدل لا يضمنونه وقيل يضمنونه وقدمنا التوفيق (قوله: تبطل ديانته) أي تأويله الذي كان يتدين به وأسقطنا ضمانه بسببه، فإذا رجع ظهر أنه لا تأويل له فلا يرث ويضمن ما أتلف. وفي عامة النسخ ديانة بدون ضمير، وهو تحريف، والموافق لما في ابن كمال عن غاية البيان هو الأول (قوله: عمدا) ليس في كلام الفتح، ولكن حمله عليه في النهر؛ لأنه المراد بدليل التعليل. ثم قال في النهر وينبغي أن لا يرث منه، وهذه ترد على إطلاق المصنف (قوله: كما في المستأمن) أي كما لو قتل المسلم مستأمنا في دارنا فتح (قوله: لبقاء شبهة الإباحة) علة لعدم وجوب القصاص المفهوم من وجوب الدية. ا هـ. ح. مطلب في كراهة بيع ما تقوم المعصية بعينه (قوله: تحريما) بحث لصاحب البحر حيث قال: وظاهر كلامهم أن الكراهة تحريمية لتعليلهم بالإعانة على المعصية ط (قوله: من أهل الفتنة) شمل البغاة وقطاع الطريق واللصوص بحر (قوله: إن علم) أي إن علم البائع أن المشتري منهم (قوله: لأنه إعانة على المعصية)؛ لأنه يقاتل بعينه، بخلاف ما لا يقتل به إلا بصنعة تحدث فيه كالحديد، ونظيره كراهة بيع المعازف؛ لأن المعصية تقام بها عينها، ولا يكره بيع الخشب المتخذة هي منه، وعلى هذا بيع الخمر لا يصح ويصح بيع العنب. والفرق في ذلك كله ما ذكرنا فتح ومثله في البحر عن البدائع، وكذا في الزيلعي لكنه قال بعده وكذا لا يكره بيع الجارية المغنية والكبش النطوح والديك المقاتل والحمامة الطيارة؛ لأنه ليس عينها منكرا وإنما المنكر في استعمالها المحظور. ا هـ. قلت: لكن هذه الأشياء تقام المعصية بعينها لكن ليست هي المقصود الأصلي منها، فإن عين الجارية للخدمة مثلا والغناء عارض فلم تكن عين النكر، بخلاف السلاح فإن المقصود الأصلي منه هو المحاربة به فكان عينه منكرا إذا بيع لأهل الفتنة، فصار المراد بما تقام المعصية به ما كان عينه منكرا بلا عمل صنعة فيه، فخرج نحو الجارية المغنية؛ لأنها ليست عين المنكر، ونحو الحديد والعصير؛ لأنه وإن كان يعمل منه عين المنكر لكنه بصنعة تحدث فلم يكن عينه، وبهذا ظهر أن بيع الأمرد ممن يلوط به مثل الجارية المغنية فليس مما تقوم المعصية بعينه، خلافا لما ذكره المصنف والشارح في باب الحظر والإباحة، ويأتي تمامه قريبا (قوله: يكره لأهل الحرب) مقتضى ما نقلناه عن الفتح عدم الكراهة، إلا أن يقال: المنفي كراهة التحريم والمثبت كراهة التنزيه؛ لأن الحديد وإن لم تقم المعصية بعينه لكن إذا كان بيعه ممن يعمله سلاحا كان فيه نوع إعانة تأمل (قوله: نهر) عبارته: وعرف بهذا أنه لا يكره بيع ما لم تقم المعصية به كبيع الجارية المغنية والكبش النطوح والحمامة الطيارة والعصير والخشب الذي يتخذ منه العازف، وما في بيوع الخانية من أنه يكره بيع الأمرد من فاسق يعلم أنه يعصي به مشكل. والذي جزم به في الحظر والإباحة أنه لا يكره بيع جارية ممن يأتيها في دبرها أو بيع الغلام من لوطي وهو الموفق لما مر. وعندي أن ما في الخانية محمول على كراهة التنزيه والمنفي هو كراهة التحريم، وعلى هذا فيكره في الكل تنزيها، وهو الذي إليه تطمئن النفس؛ لأنه تسبب في الإعانة، ولم أر من تعرض لهذا، والله تعالى الموفق ا هـ. (قوله: ينفذ) بالتشديد مبنيا للمجهول (قوله: لو عادلا) أي لو كان حكم قاضيهم عادلا: أي على مذهب أهل العدل. قال في الفتح: وإذا ولى البغاة قاضيا على مكان غلبوا عليه فقضى ما شاء ثم ظهر أهل العدل فرفعت أقضيته إلى قاضي العدل نفذ منها ما هو عدل وكذا ما قضى برأي بعض المجتهدين؛ لأن قضاء القاضي في المجتهدات نافذ وإن كان مخالفا لرأي قاضي العدل. ا هـ. (قوله: ولو كتب قاضيهم إلخ) محله إذا كان من أهل العدل وإلا لا يقبل كتابه لفسقه كما في الفتح. وأفاد صحة تولية البغاة للقضاء كما سيأتي في بابه، والله سبحانه أعلم. أي كتاب لقط اللقيط قهستاني، والأولى قول الحموي كتاب في بيان أحكام اللقيط؛ لأن الكتاب معقود لبيان ما هو أعم من لقطه كنفقته وجنايته وإرثه وغير ذلك ط (قوله: عقبه مع اللقطة بالجهاد) تبع في هذا التعبير صاحب النهر، وفيه قلب، وصوابه عقب الجهاد به مع اللقطة ط. قلت: لكن في المصباح كل شيء جاء بعد شيء فقد عاقبه وعقبه تعقيبا، ثم قال وعقبت زيدا عقبا من باب قتل وعقوبا جئت بعده، ثم قال والسلام يعقب التشهد أي يتلوه، فهو عقيب له. ا هـ. فعلى هذا إذا قلت أعقبت زيدا عمرا كان معناه جعلت زيدا تاليا لعمرو؛ لأن زيدا فاعل في الأصل كما ألبست زيدا جبة وكذا تقول أعقبت السلام التشهد: أي أتيت بالسلام بعد التشهد، ومثله أعقبت السلام بالتشهد بزيادة الباء، وعليه فقوله عقب اللقيط بالجهاد معناه أتى به عقب الجهاد فلا قلب فيه، هذا ما ظهر لي (قوله: لعرضيتهما) بفتح العين والراء ا هـ. ح: أي لتوقع عروض الهلاك والزوال فيهما: أي كما أن الأنفس والأموال في الجهاد على شرف الهلاك، وإنما قدمه عليهما لكونه فرضا لإعلاء كلمة الله تعالى والالتقاط مندوب (قوله: ما يلقط) أي يرفع من الأرض فتح (قوله ثم غلب) أي في اللغة كما هو ظاهر المغرب والمصباح، فهو كاستعمالهم اللفظ بمعنى الملفوظ ثم تخصيصه بما يلفظه الفم من الحروف (قوله: باعتبار المآل)؛ لأنه يئول أمره إلى الالتقاط في العادة، وظاهره أنه مجاز لغوي بعلاقة الأول مثل: {أعصر خمرا} وانظر ما قدمناه في باب كيفية القسمة عند قوله سماه قتيلا إلخ. (قوله: وشرعا اسم لحي مولود إلخ) كذا في البحر، وظاهر الفتح اتحاد المعنى الشرعي واللغوي، وعلى ما هنا فالمغايرة بينهما بزيادة قيد الحياة وهو غير ظاهر؛ لأن الميت كذلك فيما يظهر حتى يحكم بإسلامه تبعا للدار فيغسل ويصلى عليه، ولو وجد قتيلا في محلة تجب فيه الدية والقسامة كما سنذكره تأمل، والمراد به ما كان من بني آدم كما نقل عن الأتقاني، وقيد بقوله طرحه أهله. احترازا عن الضائع (قوله: خوفا من العيلة) بالفتح: الفقر مصباح (قوله: فرارا من تهمة الريبة) التهمة: بفتح الهاء وسكونها الشك والريبة مصباح. وفيه أيضا: الريبة الظن والشك، لكن المراد بها هنا الزنا (قوله: مضيعه) أي طارحه أو تاركه حتى ضاع أي هلك (قوله: إن غلب على ظنه هلاكه) بأن وجده في مفازة ونحوها من المهالك، وليس مراد الكنز من الوجوب الاصطلاحي بل الافتراض، فلا خلاف بيننا وبين باقي الأئمة كما قد توهم بحر. قال في النهر: وفيه إيماء إلى أنه يشترط في الملتقط كونه مكلفا، فلا يصح التقاط الصبي والمجنون، ولا يشترط كونه مسلما عدلا رشيدا لما سيأتي من أن التقاط الكافر صحيح والفاسق أولى، وأن العبد المحجور عليه يصح التقاطه أيضا، فالمحجور عليه بالسفه أولى. ا هـ. ويأتي قريبا تمام الكلام على المحجور (قوله: وإلا فمندوب) قال في البحر: وينبغي أن يحرم طرحه بعد التقاطه؛ لأنه وجب عليه بعد التقاطه حفظه فلا يملك رده إلى ما كان عليه (قوله: وهو حر) أي في جميع أحكامه حتى يحد قاذفه؛ لأن الأصل في بني آدم الحرية؛ لأنهم أولاد خيار المسلمين آدم وحواء، وإنما عرض الرق بعروض الكفر لبعضهم، وكذا الدار دار الأحرار فتح، وشمل ما إذا كان الواجد حرا أو عبدا أو مكاتبا ولا يكون تبعا للواجد والولوالجية. وفي المحيط: لو وجده المحجور ولا يعرف إلا بقوله قال المولى كذبت بل هو عبدي فالقول للمولى؛ لأنه ذو اليد إذ لا يد للعبد على نفسه وإن كان العبد مأذونا فالقول له؛ لأن له يدا، وتمامه في البحر (قوله: مسلم تبعا للدار) أفاد أن المعتبر في ثبوت إسلامه المكان سواء كان الواجد مسلما أو كافرا، وفيه خلاف سيأتي (قوله: إلا بحجة رقه) يستثنى منه ما لو كان الملتقط عبدا محجورا وادعى مولاه أنه عبده كما مر آنفا وكذا لو ادعاه الملتقط الحر إن لم يكن أقر بأنه لقيط كما في البحر (قوله: على خصم وهو الملتقط) هذا إذا كان اللقيط صغيرا، فلو كبيرا يثبت رقه بإقامة البينة عليه وبإقراره أيضا كما في القهستاني عن النظم، لكن إقراره يقتصر عليه ويأتي بيانه في الفروع. (قوله: وما يحتاج إليه) عبارة المتون ونفقته في بيت المال. قال في البحر: ولو قال وما يحتاج إليه كان أولى لما في المحيط من أن مهره إذا زوجه السلطان في بيت المال، وإن كان له مال ففي ماله. ا هـ. (قوله: من نفقة وكسوة إلخ) في النهر: قد مر أن النفقة اسم للطعام والشراب والكسوة والسكنى (قوله: ودواء) ذكره في النهر بحثا؛ لأنه أولى من التزويج (قوله: إذا زوجه السلطان) أي أو وكيله، وقيد به؛ لأن الملتقط لا يملك تزويجه كما يأتي. والظاهر أن تزويج السلطان له مقيد بالحاجة كما لو احتاج إلى خادم فزوجه امرأة تخدمه أو نحو ذلك، وإلا ففيه الإنفاق من بيت المال بلا ضرورة. والظاهر أن نفقة زوجته في بيت المال أيضا فتأمل. (قوله: إن برهن على التقاطه)؛ لأنه عساه ابنه، والوجه أن لا يتوقف على البينة بل ما يرجح صدقه؛ لأنها لم تقم على خصم حاضر، ولذا قال في المبسوط: هذه لكشف الحال، والبينة لكشف الحال مقبولة وإن لم تقم على خصم فتح. [تنبيه] أفاد أنه لو أنفق الملتقط من ماله فهو متبرع إلا إذا أذن له القاضي بشرط الرجوع وسيأتي تمامه في اللقطة (قوله: ولو دية) قال في الفتح: حتى لو وجد اللقيط قتيلا في محلة كان على أهلها ديته لبيت المال وعليهم القسامة وكذا إذا قتله الملتقط أو غيره خطأ فالدية على عاقلته لبيت المال، ولو عمدا فالخيار إلى الإمام ا هـ. أي بين القتل والصلح على الدية، وليس له العفو بحر (قوله: كجنايته) أي على غيره. مطلب في قولهم الغرم بالغنم (قوله: لأن الغرم بالغنم) تعليل لقوله كجنايته. قال في المصباح: والغنم بالغرم أي مقابل به فكما أن المالك يختص بالغنم ولا يشاركه فيه أحد فكذلك يتحمل الغرم ولا يتحمل معه أحد، وهذا معنى قولهم: الغرم مجبور بالغنم. ا هـ. (قوله: وليس لأحد أخذه منه قهرا)؛ لأنه ثبت حق الحفظ له لسبق يده، وينبغي أن ينتزع منه إذا لم يكن أهلا لحفظه كما قالوا في الحاضنة، وكما يفيده قول الفتح الآتي إلا بسبب يوجب ذلك بحر. قلت: وكذا يفيده ما سيأتي من أنه يثبت نسبه من ذمي، ولكن هو مسلم فينزع من يده قبيل عقل الأديان. والظاهر أن النزع فيه واجب، كما لو كان الملتقط فاسقا يخشى عليه منه الفجور باللقيط فينزع منه قبيل حد الاشتهاء ولا ينافيه ما في الخانية من أنه إذا علم القاضي عجزه عن حفظه بنفسه وأتي به إليه فإن الأولى له أن يقبله ا هـ.؛ لأنه إذا لم يرد بالأولى الوجوب فوجهه أنه إذا لم يقبله منه بعدما أتي به إليه علم أمانته وديانته وأنه حيث لم يقبله منه يدفعه هو إلى من يحفظه فلم يتعين للقاضي لأخذه منه، بخلاف ما إذا كان يخشى عليه من الملتقط، وبه اندفع ما في النهر (قوله: في الفتح لا) حيث قال لا ينبغي للإمام أن يأخذه من الملتقط إلا بسبب يوجب ذلك؛ لأن يده سبقت إليه فهو أحق منه (قوله: وحرر في النهر نعم) حيث قال: وأقول المذكور في المبسوط أن للإمام الأعظم أن يأخذه بحكم الولاية للعامة إلا أنه لا ينبغي له ذلك، وهو الذي ذكره في الفتح (قوله: وهذا) أي عدم أخذه من الملتقط (قوله: لأنه أنفع للقيط)؛ لأنه يعلمه أحكام الإسلام ولأنه محكوم له بالإسلام فكان المسلم أولى بحفظه، أفاده في البحر. قلت: وهذا إذا لم يعقل الأديان وإلا نزع من الكافر ولو كان هو الملتقط وحده كما يأتي تأمل (قوله: ولو استويا) بأن كانا مسلمين أو كافرين (قوله: فالرأي للقاضي) وينبغي أن يرجح ما هو أنفع للقيط نهر، بأن يقدم العدل على الفاسق والغني على الفقير، بل ظاهر تعليل الخانية بأنه أنفع للقيط عدم اختصاص الترجيح بالإسلام فيعم ما ذكر، فيقضى به للعدل والغني حيث كان هو الأنفع، ولذا قال في البحر: وهو يفيد أنه إن أمكن الترجيح اختص به الراجح. ا هـ. وعلى هذا يحمل قوله ولو استويا أي في صفات الترجيح كلها. (قوله: استحسانا) والقياس أن لا تصح دعواهما، أما الملتقط فلتناقضه، وأما غيره فلأن فيه إبطال حق ثابت بمجرد دعوى أعني الحفظ للملتقط وحق الولد للعامة. وجه الاستحسان أنه إقرار للصبي بما ينفعه والتناقض لا يضر في دعوى النسب، وإبطال حق الملتقط ضمنا ضرورة ثبوت النسب، وكم من شيء يثبت ضمنا لا قصدا، ألا ترى أن شهادة القابلة بالولادة تصح ثم يترتب عليها استحقاقه للإرث، (قوله: لو حيا) أي لو كان اللقيط حيا وهو مرتبط بقوله بمجرد دعواه (قوله: وإلا فبالبينة) أي وإن كان اللقيط ميتا وترك مالا أو لم يترك فادعى رجل بعد موته أنه ابنه لا يصدق إلا بحجة بحر عن الخانية أي لاحتمال ظهور مال له، ولعل وجه الفرق أن دعوى الحي تتمحض للنسب، بخلاف الميت لاستغنائه عنه بالموت فصارت دعوى الإرث، ثم رأيته صريحا في الفتح. وأيضا فإنه في دعوى الحي غير متهم لإقراره على نفسه بوجوب النفقة. تأمل. (قوله: ومن اثنين مستويين) أي إذا ادعياه معا فلو سبق أحدهما فهو ابنه ما لم يبرهن الآخر، وقيد الاستواء إذ لو كان لأحدهما مرجح، فهو أولى كملتقط وخارج فيحكم به للملتقط ولو ذميا وبإسلام الولد؛ ولو خارجين يقدم من برهن على من لم يبرهن، والمسلم على الذمي، والحر على العبد، والذمي الحر على العبد المسلم، أفاده في البحر، وكأن الشارح ترك التقييد بالمعية لكون الأسبق له مرجح وهو السبق لعدم المنازع، ومن المرجح وصف أحدهما علامة كما يأتي (قوله كولد أمة مشتركة) أي فإنه لو ادعاه كل من الشريكين أو الشركاء معا ثبت من الكل، فهو تشبيه لمسألة المتن بهذه كما نبه عليه في الدر المنتقى لا تقييد لما في المتن بما إذا ادعاه كل من الملتقطين من جارية مشتركة، خلافا لما فهمه في البحر من عبارة الخانية كما نبه عليه في النهر، ولذا قال بعده: ولا يشترط اتحاد الأم، وبه صرح في التتارخانية كما يأتي (قوله: وعبارة المنية) مبتدأ ومضاف إليه، وقوله ادعاه إلخ بدل من عبارة، وقوله ظاهرة خبر المبتدأ، ومثل ما في المنية ما في الفتح حيث قال: ولا يلحق بأكثر من اثنين عند أبي يوسف، وهو رواية عن أحمد. وعند محمد لا يلحق بأكثر من ثلاثة. وفي شرح الطحاوي، وإن كان المدعي أكثر من اثنين، فعن أبي حنيفة أنه جوزه إلى خمسة. ا هـ. قال في البحر: ولم أر توجيه هذه الأقوال (قوله: ولا يشترط اتحاد الأم) لما في النهر عن التتارخانية: لو عين كل واحد منهما امرأة أخرى قضي بالولد بينهما، وهل يثبت نسب الولد من المرأتين على قياس قوله يثبت، وعلى قولهما لا (قوله: لكن في القهستاني إلخ) استدراك على ما في المنية وعبارة القهستاني هكذا: وفيه: أي في قول النقابة: ولو رجلين إشارة إلى أنه لو ادعاه أكثر من رجلين لم يثبت منه، وهذا عند أبي يوسف. وأما عند محمد فيثبت من الثلاث لا الأكثر. وعند أبي حنيفة يثبت من الأكثر ا هـ. فقوله من الأكثر يشمل ما فوق الخمسة لكن حيث قيده غيره بالخمسة يحمل إطلاقه عليه؛ لأنه صريح. (قوله: ولو رجلا وامرأتين) لعله أتى بالمبالغة إشارة إلى أن قوله الآتي فلا بد من شهادة رجلين ليس المراد به الحصر في الرجلين بل المراد به نصاب الشهادة فهو نفي لقبول شهادة الفرد، فلا ينافي قبول شهادة رجل وامرأتين؛ لأن الشهادة على النسب لا يشترط فيها الرجال بخلاف نحو الحدود والقود فافهم (قوله: على الغير) أي على الزوج؛ لأنه يلزم من ثبوته منها ثبوته منه؛ لأن الولد للفراش (قوله: فلا بد من شهادة رجلين) ذكر في النهر أن هذا يخالف ما في المنية من أنها تصدق ولو ادعت أنه ابنها منه ا هـ. وذكر في الخانية الفرق بين هذا وبين قبول دعوى الرجل بلا بينة، وهو أن في قبول قول الرجل دفع العار عن اللقيط، وليس ذلك في دعوى المرأة فلا يقبل قولها بلا بينة ا هـ. ولذا قبل قولها بتصديق الزوج وشهادة القابلة؛ لأنه يثبت نسبه من الزوج فيندفع عنه العار أي عاره بكونه لا أب له فإنه مظنة كونه ابن زنا (قوله: خلافا لهما) فعندهما لا يكون لواحدة منهما، لكن عن محمد روايتان: إحداهما كقول الإمام كما في البحر عن البدائع (قوله: الكل من الخانية) أي ما ذكر من مسائل دعوى المرأة والمرأتين (قوله وإن ادعاه خارجان) أي لا يد لأحدهما عليه، وقيد به لما في البحر من أن ظاهر ما في الفتح تقديم ذي اليد على الخارج ذي العلامة (قوله: أي بجسده) أي كشامة وسلعة (قوله: لا بثوبه)؛ لأن الثوب غير ملازم له فلا يفيد التعيين ط. قلت: وهذا ذكره في النهر أخذا من مفهوم قول القدوري بجسده (قوله: ووافق) قيد به؛ لأنه لو لم يوافق فلا ترجيح وهو ابنهما وكذا لو أصاب في البعض دون البعض أو وصفها ولم يصب واحد منهما، أما لو أصاب أحدهما دون الآخر فهو لمن أصاب بحر عن الظهيرية (قوله وسبقه) أي لو كانت دعوى أحدهما سابقة على الآخر كان ابنه ولو وصف الثاني علامة لثبوته في وقت لا منازع له فيه. ا هـ. فتح. فعلم أن المراد السبق في الدعوى لا في وضع اليد؛ لأن الكلام في الخارجين فافهم (قوله: وحريته) ذكره في النهر بحثا (قوله: وسنه إن أرخا، فإن اشتبه فبينهما) هذا يوجد في بعض النسخ. قال في البحر: وفي الظهيرية: رجلان ادعياه وأرخت بينة كل منهما يقضي لمن يشهد له سن الصبي، فلو السن مشتبها فعلى قولهما يسقط اعتبار التاريخ ويقضى لهما. وعلى قوله، في رواية كذلك، وفي أخرى لأسبقهما تاريخا. وفي التتارخانية: يقضى به بينهما في عامة الروايات، وهو الصحيح ا هـ. ملخصا وحيث كانت العلامة مرجحة فالظاهر اعتبارها هنا أيضا فيقضى به لذي العلامة. قال في الفتح: وكلما لم يترجح دعوى واحد من المدعيين يكون ابنا لهما. وعند الشافعي يرجع إلى القافة (قوله: قضى لهما)؛ لأنه لم يظهر ترجيح أحدهما على الآخر فاستويا كما لو وصف به وصفا ولم يصب واحد منهما كما مر فافهم (قوله: وإلا فلمن ادعى أنه ابنه) مقتضاه ولو ظهر أنه أنثى، وهو مخالف للمسائل المارة، ولذا قال المقدسي: ينبغي أنه لمن وافق. قلت: على أن الذي رأيته في التتارخانية: وإن لم يكن مشكلا وحكم بكونه ابنا فهو للذي يدعي أنه ابنه ا هـ. وهذا لا إشكال فيه والشارح تبع في التعبير صاحب البحر، وفيه اختصار مخل (قوله: قضي به للمسلم)؛ لأن الذميين شهدا على ذمي والمسلمين على مسلم فصحت الشهادتان وترجح المسلم ا هـ. ح (قوله: استحسانا) والقياس أن لا يثبت نسبه؛ لأن فيه نفي إسلامه الثابت بالدار. وجه الاستحسان أن دعواه تضمنت شيئين: النسب وهو نفع للصغير ونفي الإسلام الثابت بالدار وهو ضرر به، وليس من ضرورة ثبوت النسب من الكافر الكفر لجواز مسلم هو ابن كافر، بأن أسلمت أمه فصححنا دعواه فيما ينفعه دون ما يضره فتح (قوله: ما لم يبرهن) وذكر ابن سماعة عن محمد: لو عليه زي أهل الشرك كصليب ونحوه فهو ابنه وهو نصراني فتح (قوله: بمسلمين) فلو أقام بينة من أهل الذمة لا يكون ذميا؛ لأنا حكمنا بإسلامه فلا يبطل هذا الحكم بهذه البينة؛ لأنها شهادة قامت في حق الدين على مسلم فلا تقبل بحر عن الخانية (قوله: أو عكسه) أي مسلم في مكانهم (قوله فظاهر الرواية اعتبار المكان) أي في الصورتين وفي بعض نسخ المبسوط اعتبر الواجد، وفي بعضها اعتبر الإسلام أي ما يصير به الولد مسلما نظرا له، ولا ينبغي أن يعدل عن ذلك. وقيل يعتبر بالسيما والزي فتح. وعلى ما رجحه في الفتح يصير مسلما في ثلاث صور، وذميا في صورة واحدة وهي ما لو وجده ذمي في مكانهم وهو ظاهر الكنز وغيره. وقال في البحر أيضا: ولا يعدل عنه (قوله: لسبقه) أي سبق المكان على يد الواجد. (قوله وهو حر) أي إلا بحجة رقه كما قدمه المصنف (قوله: عند محمد) وقال أبو يوسف: يكون عبدا؛ لأنه يستحيل أن يكون الولد حرا بين رقيقين. قلنا: لا يستحيل لجواز عتقه قبل الانفصال وبعده، فلا تبطل الحرية بالشك زيلعي وتمامه في النهر (قوله: لثبوته من الجانبين) فيه أن النسب يثبت من جانب الأم أيضا سواء كانت الأمة زوجة له أو مملوكة له، فالمراد ثبوت أحكامه كما عبر به الزيلعي: أي كالإرث وحق الحضانة ووجوب النفقة ونحو ذلك، وهذا مختص بالحرة فكانت هذه البينة أكثر إثباتا (قوله: عملا بالظاهر) أورد عليه أن الظاهر يصلح للدفع لا للإثبات. قلنا نعم يدفع بهذا الظاهر دعوى ملك غيره عنه ثم يثبت ملكه بقيام يده مع حريته المحكوم بها، أفاده في الفتح (قوله: ولو فوقه أو تحته) دخل فيه الدراهم الموضوعة عليه، وينبغي أن تكون الدراهم التي فوق فراشه أو تحته له كلباسه ومهاده ودثاره، بخلاف المدفونة تحته ولم أره بحر (قوله: أو دابة) بالنصب عطفا على فوقه: أي ولو كان ذلك المال دابة هو عليها. ا هـ. ح (قوله: لا ما كان بقربه) في بعض النسخ لا مكان بقربه، وعليها كتب ح فقال الظاهر أنه سقط لفظ في والأصل لا في مكان بقربه عطفا على فوقه ا هـ. قال في النهر وبه عرف أن الدار التي هو فيها وكذا البستان لا يكون له بالأولى ا هـ. وقد توقف فيه في البحر بعد أن نقل عن الشافعية أن الدار له وفي البستان وجهان (قوله: لأنه مال ضائع) قال في الفتح: أي لا حافظ له ومالكه وإن كان معه فلا قدرة له على الحفظ، وللقاضي ولاية صرف مثله إليه وكذا لغير الواجد بأمره، والقول له في نفقة مثله وقيل له صرفه عليه بغير أمر القاضي. (قوله: ولو قرر القاضي ولاءه للملتقط صح) أي بأن يقول له جعلت ولاء هذا اللقيط لك ترثه إذا مات وتعقل عنه إذا جنى (قوله: لأنه قضاء في فصل مجتهد فيه) فإن من العلماء من قال: إن الملتقط يشبه المعتق من حيث إنه أحياه كالمعتق، فعلى هذا لا يكون متبرعا بالإنفاق بغير أمر القاضي إذا أشهد ليرجع كالموصي بحر من كتاب اللقطة ط (قوله: نعم له إلخ) ظاهره أن له ذلك ولو بعدما قرر القاضي ولاءه للملتقط والظاهر خلافه؛ لأنه تأكد بالقضاء، وقد راجعت عبارة الخانية فرأيته ذكر المسألة الثانية ولم يذكر مسألة تقرير القاضي (قوله: ما لم يعقل عنه بيت المال) فإن جنى ثم عقل عنه تقرر إرثه له؛ لأن الغنم بالغرم (قوله: ويدفعه في حرفة) ينبغي أن يقال ما قيل في وصي اليتيم أنه يعلمه العلم أولا، فإن لم يجد فيه قابلية سلمه لحرفة نهر (قوله: ويقبض هبته وصدقته) أي ما وهبه له الغير أو تصدق به عليه إذا كان فقيرا (قوله: وليس له ختنه) الظاهر أن هذا لو بدون إذن السلطان أو نائبه، فلو أذن صح؛ لأن ولايته له كما يأتي، ولذا كان لوصي اليتيم أن يختنه (قوله: ولو علم الختان إلخ) نقله في البحر عن الذخيرة بقيل (قوله: ولا ينفذ للملتقط عليه نكاح)؛ لأنه يعتمد الولاية من القرابة والملك والسلطنة، ولا وجود لواحد منها نهر، وقدم الشارح أن مهره في بيت المال إذا زوجه السلطان (قوله: وبيع) أي بيع ماله وكذا شراء شيء ليستحق الثمن دينا عليه؛ لأن الذي إليه ليس إلا الحفظ والصيانة، وما من ضروريات ذلك اعتبارا بالأم فإنها لا يجوز لها ذلك مع أنها تملك تزويجه عند عدم العصبة وتمامه في الفتح (قوله: في الأصح)؛ لأنه يملك إتلاف منافعه ولا يملك تمليكها فأشبه العم، بخلاف الأم؛ لأنها تملك إتلاف منافعه بالاستخدام والإعارة بلا عوض فبالعوض بالإجارة أولى فتح، وقوله: ولا يملك تمليكها يشمل ما إذا آجره ليأخذ الأجرة لنفسه أو للقيط، بل المتبادل الثاني؛ لأن الأول معلوم من قوله: لا يملك إتلاف منافعه. وعليه فيشكل قول القهستاني: لا يجوز أن يؤجره ليأخذ الأجرة لنفسه مع أنه خلاف إطلاق المتون. وعلى هذا فلا يصح أن يحمل مقابل الأصح من جواز إيجاره على ما إذا آجره ليأخذ الأجرة لنفسه توفيقا بين القولين فافهم. (قوله: لو باع إلخ) أي اللقيط بعد بلوغه (قوله: وسلم) قيد في وهب وتصدق؛ لأن به يحصل الملك الموهوب له والمتصدق عليه (قوله: لا يصدق في إبطال شيء من ذلك) مفهومه أنه يصدق في إقراره بالرق لزيد، وهذا إذا كان زيد يدعيه وكان قبل أن يقضي عليه بما لا يقضى به إلا على الأحرار كالحد الكامل ونحوه، فلو بعد القضاء بنحو ذلك لا يقبل؛ لأن فيه إبطال حكم الحاكم ولأنه مكذب شرعا فهو كما لو كذبه زيد، ولو كانت اللقيطة امرأة لها زوج كانت أمة للمقر له، ولا تصدق في إبطال النكاح، ولو كان رجلا عليه مهر لزوجته لا يصدق في إبطاله؛ لأنه دين ظهر وجوبه ا هـ. فتح ملخصا، وتمامه في البحر. وفيه عن التتارخانية، إذا أقر أنه عبد لا يصدق على إبطال شيء كان فعله إلا النكاح؛ لأنه زعم أنه لم يصح لعدم إذن من يزعم أنه مولاه فيؤاخذ بزعمه بخلاف المرأة لا يبطل نكاحها. ا هـ. (قوله: ومجهول نسب كلقيط) أي فيما ذكر من الإقرار لا في جميع أحكامه كما لا يخفى، وهذه المسألة ستأتي في آخر كتاب الإقرار بتفاصيلها إن شاء الله تعالى والله سبحانه أعلم.
|